على مدار ثلاثة أيّام دهم مستوطنون من "متسبي يائير" خمسة تجمّعات فلسطينيّة في مسافر يطّا مراراً وتكراراً. ويجري الحديث عن خمسة مستوطنين معروفين لسكّان هذه الجمّعات جاءوا يزعمون أنّهم يبحثون عن ماشية سُرقت منهم فاقتحموا المنازل وحظائر الأغنام وهُم يصرخون على الأهالي ويهدّدونهم. في خضمّ هذه المداهمة اعتدى المستوطنون جسديّاً على شخصين وكسروا سنّ أحدهما. في يوم الثلاثاء زعم المستوطنون أثناء مداهمة حظيرة في أحد التجمّعات أنّهم عثروا هناك على رأسَي ماشية يعودان لهُم واستناداً إلى أقوالهم سمحت لهم الشرطة أن يسوقوا معهم نحو عشر أغنام كانت في تلك الحظيرة.
استمرّ تنمُّر المستوطنين في اليوم التالي إذ جاء أحدهم إلى منطقة شعب البطم وطرد راعياً فلسطينيّاً كان يرعى أغنامه هناك.
17.12.20، في ساعات المساء: مستوطنون يدهمون تجمّع خربة بير العِدّ:
دهم خمسة مستوطنين خربة بير العِد زاعمين أنّهم يبحثون عن ماشيتهم المسروقة. سدّ المستوطنون الطريق المؤدّية إلى منازل التجمّع بالصّخور ومنعوا الأهالي من المرور. حين حاول أحد السكّان المرور في تراكتوره أشهر أحد المستوطنين مسدّسه وهدّد بإطلاق النار عليه فاضطرّ إلى التراجُع والمرور من طريق أخرى.
18.12.20، في الـ 1:30 بعد منتصف اللّيل: مستوطنون يدهمون خربة شعب البطم، يُفزعون الأهالي من نومهم ويركلون أحدهم ويهدّدون بقيّة الموجودين.
في اليوم التالي وبعد منتصف اللّيل دهم خمسة مستوطنين خربة شعب البطم واقتحم اثنان منهما (أحدهما يعرفه الأهالي باسم يوسف) منزل عليّ جبرين (64 عاماً) وهو أب لـ11 ابناً. عندما فتح عليّ الباب عقب سماع صوت المستوطنين بادره المستوطن يوسف بالصّراخ ثمّ ركل ساقيه وتوعّده بأن "يسبّب له مشاكل" إذا لم يعترف بمكان أغنامه. ورغم أنّ عليّ أكّد مراراً أنّه لا يعلم أين الأغنام واصل المستوطن يوسف الصّراخ عليه ثمّ دفع أولاده الشباب الذين جاءوا للدّفاع عن والدهم بعد أن أيقظتهم جلبة المستوطنين. إزاء هذا التطوّر قام شقيق عليّ الذي يسكن في جواره باستدعاء الشرطة. مكث المستوطنون عند مدخل منزل عليّ نحو عشرين دقيقة ثمّ انتقلوا إلى منزل شقيقه إسماعيل (53 عاماً) وهو أب لستّة أبناء، وواصلوا التهديد والوعيد ثمّ غادروا بعد عشر دقائق.
حين حضرت الشرطة إلى المكان كان المستوطنون قد غادروا.
فيما يلي إفادات عدد من السكّان أدلوا بها أمام باحث بتسيلم الميدانيّ موسى أبو هشهش.
أدناه يصف عليّ جبارين الهجوم على منزله وتهديدات المستوطن المعروف باسم ’يوسف‘:
أيقظتني نحو الواحدة والنصف بعد منتصف اللّيل أصوات جَهوريّة لأشخاص عند مدخل منزلي. حين اقتربت من الباب شاهدت شخصين. في تلك اللّيلة كانت الكهرباء مقطوعة ولكنّني عرفت أحد الشخصين لأنّه كان يحمل مصباحاً - إنّه مستوطن يدعى ’يوسف‘ ونحن نعرفه جيّداً لأنّه يرعى أغنامه في المنطقة.
فجأة ودون أن نقول شيئاً ركل المستوطن ’يوسف‘ ساقي اليسرى ركلة قويّة جدّاً وصرخ بالعربيّة يسألني "أين أغنامي؟!". قلت له "عن أيّة أغنام تتحدّث؟" فقال لي: "أنت سرقت أغنامي!". حين سألته له "هل رأيتني أسرقها" قال "لا ولكن أريد أن أعرف من سرقها".
في تلك اللّحظة استيقظ أولادي الأربعة - أكبرهم في سنّ الـ16 - وحين تقدّموا نحوي دفعهم المستوطن وصرخ عليهم يأمرهم أن يبتعدوا. ورغم أنّه هاجمني وهاجم أبنائي تمالكت أعصابي وبقيت هادئاً لأنّني لو تصادمت معهم لربّما تعرّضت للاعتقال. طلبت من ابني أمين (15 عاماً) أن يركض إلى منزل شقيقي إسماعيل ويطلب منه استدعاء الشرطة الإسرائيليّة فقال المستوطن ’يوسف‘ إنّه سيذهب بنفسه إلى منزل شقيقي.
أدناه يصف إسماعيل جبرين كيف اقتحم المستوطنون منزله بالقوّة وهدّدوه:
أيقظني صراخ في منزل شقيقي عليّ. سمعت شخصاً يصرخ قائلاً إنّه مجنون جاء لإحداث مشاكل وعرفت من صوته أنّه المستوطن الذي يرعى أغنامه في المنطقة واسمه ’يوسف‘. الجميع هنا يعرفونه. اتّصلت بالشرطة وأبلغتهم بما يحدث فوعدوني أن يحضروا بسرعة.
انتظرت قرابة 20 دقيقة. لم أعرف ماذا يريد المستوطن من عليّ. في النهاية رأيته يغادر منزل عليّ ويتقدّم نحو منزلي وكان معه مستوطن آخر شابّ. اقتحم الاثنان منزلي فيما كنت أحاول منعهما لكنّهما دفعاني ودخلوا غير آبهين.
كلّ أفراد أسرتي استيقظوا من نومهم والأطفال بالذات كانوا مذعورين. نحن نولّد الكهرباء بواسطة ألواح شمسيّة ولكن في تلك اللّيلة كنّا بدون كهرباء.
اقترب منّي المستوطن ’يوسف‘ وصرخ قائلاً "أنا مجنون. جئت لأُحدث لكم مشاكل" وقال أيضاً إنّه يريد أن يعرف من سرق أغنامه. حاولت أن أهدّئه ولكنّه دفعني عدّة مرّات واستمرّ في الصّراخ وبعد عشر دقائق غادر مع الآخر.
18.12.20، في الـ 4:30 فجراً: مستوطنون يدهمون تجمّع خربة المركز ويعتدون على أحد الأهالي ثمّ يجرّونه إلى داخل سيّارتهم ويحقّقون معه:
بعد مضيّ ساعات معدودة وعند الرّابعة والنصف فجراً جاء خمسة مستوطنين في ثلاث سيّارات إلى منزل عائلة حوشيّة في خربة المركز. كانت سميرة حوشيّة (66 عاماً) وهي أمّ لـ13 ابنًا مستيقظة لأجل أداء صلاة الفجر وعندما سمعت أصوات المستوطنين أيقظت ابنها عمر (37 عاماً) وهو أب لثلاثة أطفال. عندما فتح عمر حوشيّة باب المنزل لكم أحد المستوطنين وجهه وضرب آخر ذراعه بمسدّسه. جرّ المستوطنان عمر من منزله وألقوا به أرضاً فعلا صُراخ والدته وزوجته نجاح حوشيّة (28 عاماً) وأولاده الثلاثة وحاولوا جميعاً الخروج من المنزل لحماية عمر لكنّ بقيّة المستوطنين أغلقوا الباب بالقوّة ووقفوا أمامه يسدّون الطريق.
جرّ المستوطنان عمر إلى إحدى السيّارات وحقّقوا معه بخصوص الأغنام التي يزعمون أنّها سُرقت منهم ثمّ أخلوا سبيله بعد نحو السّاعة. ابتعد المستوطنون عن المنزل عدّة أمتار فتمكّنت الأسرة من الخروج فوجدوا عمر ينزف دماً من شفتيه وسنّه مكسورة. بقي المستوطنون في الجوار يراقبون التجمّع حتى ساعات الصّباح المتأخّرة.
أدناه تصف سميرة حوشيّة هجوم المستوطنين وهي في سنّ ال66 ولها من الأبناء 13:
استيقظت عند السّاعة 4:30 فجراً لكي أستعدّ لصلاة الفجر وسمعت أصواتاً وجلبة محرّكات سيّارات قرب منزلنا. ظننت للوهلة الأولى أنّها سيّارات عمّال يتوجّهون إلى أشغالهم أو مركبات جنود. كان ابني عمر وزوجته نائمين في الغرفة المجاورة فأيقظتهما وأخبرتهما بما سمعت. قال لي عمر أن لا أنير المنزل وحاول أن يطمئنني.
نظرت عبر النافذة فشاهدت خمسة أشخاص يتوجّهون إلى حظيرة أغنامنا. كانوا يحملون مصابيح وكذلك كانت مصابيح سياراتهم مضاءة. بالنظر إلى ملابسهم البيضاء أدركت أنّهم مستوطنون. أشعلت أنوار المنزل لكي يفهموا أنّنا مستيقظين فيردعهم ذلك. خفت أن يُلحقوا الأذى بأغنامنا.
أدناه تصف الكنّة نجاح حوشيّة هجوم المستوطنين والاعتداء على زوجها، وهي في الـ28 من عمرها وأمّ لثلاثة:
أيقظتا حماتي وبعد عدّة دقائق أشعلت النور. عندئذٍ سمعت أشخاصاً عند مدخل المنزل وأحدهم يسأل باللّغة العربيّة: "أين السيّد؟". نهض عمر من الفراش وتوجّه نحو الباب وتبعته إلى هناك فرأيت أشخاصاً أدركت من ملابسهم أنّهم مستوطنون ومن خوفي منهم وقفت خلف حماتي. عندما فتح عمر الباب لكمه أحد المستوطنين في وجهه وضربه آخر بمسدّسه على مرفق يده وجرّه إلى خارج المنزل. أردنا الخروج خلفه لكنّ المستوطن منعنا وأغلق الباب. صرت أرتجف وأصرخ فاستيقظ أولادنا الثلاثة وأخذوا هُم أيضاً يبكون. حاولت حماتي أن تفتح الباب لكنّ أحد المستوطنين أمسك بالباب من الجهة الأخرى ومنع فتحه فصرخت تسأل "أين عمر؟!". بقينا محبوسين في المنزل أنا وحماتي وأبنائي الثلاثة طيلة نحو السّاعة.
وفي إفادتها أضافت سميرة حوشيّة:
بعد نحو السّاعة تمكّنت من الخروج من المنزل وحين لم أرَ عمر خفت أن يكونوا قد آذوه. سألت مستوطناً كان يقف قرب إحدى سيّارات المستوطنين "ماذا فعلتم بابني؟" وحين أجابني بالعربيّة أنّه سيعود بعد قليل اطمئنّ قلبي قليلاً. وقفت خلف المنزل وفجأة رأيت عمر يخرج من إحدى سيّارات المستوطنين والدّم ينزف من شفتيه، وحين دخلنا معاً إلى المنزل رأي أنّ سنّه قد كُسرت نتيجة للّكمة الذي تلقّاها منذ البداية. قال لي عمر إنّهم بعد أن أخرجوه بالقوّة من المنزل جرّوه إلى إحدى سيّاراتهم وحقّقوا معه حول اغنام سُرقت من بؤرة "متسبيه يائير" الاستيطانيّة. قال لهم إنّه لا يعرف شيئاً عن ذلك ولا علاقة له بالأمر.
18.12.20، في الـ 9:30 صباحاً: مستوطنون يدهمون تجمّع خربة الفخيت ويتجوّلون في حظائر المواشي
نحو السّاعة 9:30 صباحاً واصل المستوطنون إلى تجمّع خربة الفخيت ثمّ اقتحموا حظائر المواشي وأخذوا يتجوّلون فيها طوال نصف السّاعة تقريباً ثمّ غادروا.
19.12.20، في ساعات العصر: مستوطنون يدهمون خربة الصفاي الفوقا ويعثرون هناك على أغنامهم المسروقة على حدّ زعمهم
في عصر اليوم التالي دهم خربة الصفاي الفوقا نحو 50 مستوطناً بعضهم مسلّحين بالبنادق وآخرون ترافقهم كلاب هجوميّة. جاب المستوطنون التجمّع يقتحمون الحظائر بحثاً عن أغنامهم المسروقة على حدّ زعمهم وفي أثناء ذلك وقعت مشادّات كلاميّة وتدافُعات جسديّة بينهم وبين الأهالي. بعد مضيّ نحو السّاعة حضر إلى المكان عشرات الجنود وعناصر شرطة حرس الحدود وسيّارة شرطة ومندوبو الإدارة المدنيّة. ادّعى المستوطنون أمام الشرطة أنّهم عثروا على أغنامهم في إحدى الحظائر فسمحت لهم الشرطة بأخذ الأغنام ثمّ غادر الجميع.
بعد مضيّ عدّة أيّام استدعت الشرطة صاحب الحظيرة من تجمّع الصفاي الفوقا وحقّقت معه ثمّ أخلت سبيله.
20.12.20، في الـ 10:30 صباحاً: مستوطنون يعتدون على راعي أغنام في منطقة شعب البطم
غداة اقتحام المستوطنين لخربة الصفاي الفوقا توجّه عيسى جبرين (44 عاماً) وهو أب لسبعة أبناء مع أغنامه إلى مرعىً يبعد نحو كيلومتر واحد عن منزله الواقع في تجمّع شعب البطم. عند السّاعة 10:30 تقريباً جاء إلى المكان المستوطن المدعو ’يوسف‘ من مستوطنة "متسبي يائير" وأخذ يشتّت الأغنام ويطردها بعصا كانت معه. حين رأى عيسى أغنامه المذعورة تتراكض وتتفرّق حاول أن يدفع المستوطن ليُبعده ويمنع عرقلة الرّعي. المستوطن بدوره دفع عيسى واتّصل يستدعي دعمًا وفعلاً جاء مستوطنان اثنان وانضمّا لعمليّة طرد أغنام عيسى جبرين فاضطرّ إلى سوق أغنامه والعودة إلى منزله.
أدناه مقطع من إفادة عيسى جبرين حول الاعتداء:
عندما أخذ المستوطن ’يوسف‘ يضرب أغنامي ويدفعني لم أشأ الدّخول في صدام معه بل فضّلت مغادرة المكان خاصّة بعد أن انضمّ إليه مستوطنان آخران. ابتعدت عن المكان وبقي المستوطنون الثلاثة خلفي. نظرت إليهم فرأيتهم يتحدّثون ويشيرون إليّ. خشيت أن يتبعوني ويعتدوا عليّ فأسرعت مهرولاً إلى أن وصلت المنزل.
جميع الأهالي في مسافر يطّا يعرفون هذا المستوطن المدعو ’يوسف‘ لأنّه كثيراً ما يرعى أغنامه قرب منازلنا ويزعج السكّان. هو معروف أيضاً لدى الشرطة الإسرائيليّة.