بيّن التحليل الذي أجرته بتسيلم لورقة الموقف التي قدّمها المستشار القضائيّ للحكومة والتي زعم فيها أنّ محكمة الجنايات الدوليّة لا تملك صلاحيّة قضائيّة تخوّلها النظر في الوضع في المناطق المحتلّة، أنّ المستشار استند فيه أساسًا إلى اقتباس مقتطفات مجتزأة بطريقة ممنهجة وتجاهُل أحكام القانون الدوليّ وعرض صورة لواقع غير موجود. على العكس من ذلك فإنّ المحكمة تملك صلاحيّة التحقيق وهو تحقيق ضروريّ إزاء ما يجري على أرض الواقع. نشرت بتسيلم صباح هذا اليوم ورقة موقف تدحض فيها المزاعم التي استند إليها المستشار القضائيّ للحكومة أفيحاي مندلبليط لدى تشكيل موقفه القضائيّ الذي يُنكر على المدّعية العامّة لمحكمة الجنايات الدوليّة صلاحيّة التحقيق شبهة وقوع جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل.
مع اقتراب انعقاد مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة يوم الاثنين الموافق 18.3.19 لمناقشة تقرير لجنة التحقيق في موضوع المظاهرات قبالة الشريط الحدوديّ في غزّة نشرت بتسيلم ورقة موقف توضح فيها لماذا يجب التعامُل مع التصريحات الإسرائيليّة حول فتح 11 ملفّ "تحقيق" في حالات مقتل متظاهرين على أنّها مجرّد خطوة دعائيّة. وفي رسالة وجّهها مدير عامّ بتسيلم إلى رئيس لجنة التحقيق السيّد سانتياغو كانتون جاء أنّه يجب رفض شبكة الأكاذيب التي حاكتها إسرائيل فيما هي تواصل القتل: "ليس لدى إسرائيل أدنى قدْر من الاستعداد للتحقيق في سياستها نفسها والتنديد بها أو مساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها".
التقرير يُظهر كيف شرعن قضاة المحكمة العليا جهاز التخطيط في الضفة الغربية ومكّنوا إسرائيل من مواصلة تنفيذ سياسة مخالفة للقانون. مرارًا وتكرارًا تجاهل القضاة في قراراتهم حقيقة أنّ جهاز التخطيط يفرض حظرًا شبه تامّ على البناء الفلسطيني بهدف إتاحة استيلاء إسرائيل على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينيّة. يصدر التقرير تحت عنوان "عدلٌ زائف: مسؤولية محكمة العدل العليا عن هدم منازل الفلسطينيين وسلبهم " وهو يستند إلى بحث شامل تقصّى مئات الالتماسات التي نظرت فيها المحكمة والأحكام التي صدرت عنها بخصوص بقضايا هدم منازل الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة - ويبيّن التقرير أنّ القضاة لم يقبلوا في أيّ منها ادّعاءات الملتمسين الفلسطينيّين.
في العقدين الأخيرين أنشأت الدولة واقعًا يمكّنها من التملّص شبه التامّ من دفع التعويضات للفلسطينيين المتضرّرين على يد قوّات الأمن، رغم أنّ هذا واجبها الذي ينصّ عليه القانون الدولي. تقرير جديد تنشره بتسيلم هذا الصباح (الأربعاء، 8 آذار) يتقصّى كيف جرى ذلك ويبيّن النتائج المترتّبة عليه: تشهد السنوات الأخيرة انخفاضًا حادًّا في عدد دعاوى التعويضات التي يقدّمها فلسطينيون، كما أجريت "تخفيضات" على الثمن المدفوع مقابل الأضرار اللاحقة بهم. هذا النهج الإسرائيلي يكشف عُمق الاستهتار بحياة الفلسطينيين وسلامة أجسادهم وممتلكاتهم.
يفصّل التقرير الأسباب التي أدّت ببتسيلم للتوقّف عن توجيه الشكاوى إلى جهاز تطبيق القانون العسكريّ. إن هذا القرار غير الاعتيادي بالنّسبة لمنظمة لحقوق الإنسان حُسم استنادا على معلومات تراكمت عبر مئات الشكاوى التي قدّمناها إلى جهاز تطبيق القانون العسكريّ والعشرات من ملفّات شرطة التحقيقات العسكريّة ولقاءات كثيرة عقدناها مع مسؤولين رسميّين. ستواصل بتسيلم توثيق الانتهاكات والتبليغ عنها لكنّها لن تساعد بعد اليوم الجهاز الّذي يعمل كمنظومة لِطَمس الحقائق والذي يعفي مسبقًا القيادة العسكريّة المسؤولة والقيادة السياسيّة من المسؤوليّة عن السياسة التي أقرّوها.
تقرير مشترك مع مركز الدفاع عن الفرد
الحرمان من النوم، التكبيل لفترات طويلة، العنف اللفظي والجسدي أحيانًا. التعرض للبرد والحرارة، توفير النزر اليسير من الطعام المتردّي؛ الزنازين المنبعثة منها رائحة كريهة، العزل، والنظافة المتدنيّة. هكذا يبدو التحقيق العادي في مقرّ جهاز الامن العام (الشاباك) في سجن “شيكما” كما يُبيّن تقرير جديد صادر عن هموكيد ـ مركز الدفاع عن الفرد ومنظّمة بتسيلم. يستند التقرير على شهادات وإفادات قدّمها 116 سجينًا أمنيًا فلسطينيًا تم التحقيق معهم في الفترة ما بين آب 2013 وأذار 2014. 14 شخصا منهم على الاقل تمّ التحقيق معهم تحت وطأة التعذيب الممارس من قبل السلطة الفلسطينية قبلها بفترة وجيزة. يتمّ تفعيل هذا النظام من تحقيقات جهاز الامن العام (الشاباك) بمصادقة سلطات الدولة، بما في ذلك محكمة العدل العليا.
تقرير مشترك مع مركز الدفاع عن الفرد
يفحص التقرير إسقاطات عزل إسرائيل لقطاع غزة على حق الفلسطينيين بحياة أسرية. إسرائيل تحظر العبور بين القطاع والضفة باستثناء الحالات الاستثنائية، وهي بهذا تفصل بين أفراد العائلات وتمنع الأزواج اللذين أحدهما من غزة والآخر من الضفة الغربية أو إسرائيل (وبالعكس) من إدارة روتين معقول. عشرات الآلاف يضطرون لمواجهة واقع مستحيل تتغلغل فيه الدولة بأبعاد حميمية جدا تخصهم عبر سلسلة أحكام متصلبة. الأمور الأكثر بساطة وفورية- إقامة عائلة وحياة مشتركة مع الزوج والأولاد والحفاظ على علاقة متواصلة مع العائلات الأم الخاصة بالزوجين- كلها تتحول إلى مستحيلة.
تسيطر إسرائيل بشكل كامل على قرابة 60% من أراضي الضفة التي تعرف كمنطقة C . يعيش في المنطقة قرابة 180,000 فلسطينيّ، وفيها احتياطيّ الأراضي المركزيّ للإسكان والتطوير لكلّ الضفة. تمنع إسرائيل البناء والتطوير الفلسطينيين بمسوغات مختلفة، باعتبارها "أراضي دولة" أو "مناطق تدريبات عسكرية". وتتجاهل سياسة التخطيط الإسرائيلية احتياجات السكان: رفض الاعتراف بالقرى ومنع تطويرها ووصلها بالبنى التحتية وهدم البيوت. ويعيش الآلاف تحت خطر طردهم من بيوتهم، بدعوى أنهم يسكنون مناطق عسكرية مغلقة أو بلدات "غير قانونية". أضفْ أنّ إسرائيل سيطرت على غالبية مصادر المياه وهي تقيّد وصول الفلسطينيين إليها.
بعد مضيّ عقد من الزمن على بناء الجدار الفاصل، يتضح بجلاء الانتهاك الكبير الذي لحق بالسكان الفلسطينيين الذين شُيّد الجدار على أراضيهم. فبعد استكمال قرابة ثلثي المسار، تقلص النشاط الزراعي-الاقتصادي في هذه المناطق. كما أنّ الفصل الجغرافي بين المجموعات السكنية المتجاورة وبين السكان وأراضيهم يؤدي إلى تآكل قدرتهم على البقاء ويشلّ أيّ إمكانية لتطويرها بشكل مستديم. هذا الواقع يشكل انتهاكًا لالتزام الدولة أمام المحكمة العليا القاضي بأن لا يمسّ الجدار الفاصل بهذه المجموعات السكانية، مسًا بالغًا
تستعرض منظمة “بتسيلم” في التقرير السنوي تشكيلة واسعة من المسائل المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة من طرف السلطات الإسرائيلية إبان عام 2011، وهو العام الـ 44 على احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة. يتضح من معطيات التقرير انه طرأ ارتفاع حادّ في عام 2011 على عدد الفلسطينيين غير الضالعين في الاقتتال والذين قتلتهم قوات الأمن الإسرائيلية في قطاع غزة. كما طرأ ارتفاع بعدد المواطنين الإسرائيليين الذين قتلهم فلسطينيون في الاراضي المحتلة وإسرائيل، مقارنة مع العام 2010.
يكمن في جوهر نظام الأبرتهايد والاحتلال الإسرائيلي انتهاك منهجيّ لحقوق الإنسان. تعمل بتسيلم لأجل إنهاء الاحتلال، إدراكًا منها أنّه بهذه الطريقة فقط يمكن تحقيق مستقبل يضمن حقوق الإنسان، الديمقراطية، الحرّية والمساواة لجميع الأفراد - فلسطينيين وإسرائيليين - القاطنين بين النهر والبحر.