التقرير الجديد الذي تصدره اليوم بتسيلم وكيرم نابوت بعنوان "هذه لنا، وهذه أيضاً لنا: سياسة الاستيطان الإسرائيليّ في الضفة الغربيّة" يكشف الآليّات الإسرائيليّة التي تشجّع نقل السكّان المدنيّين من إسرائيل إلى المناطق المحتلّة. كذلك يستعرض التقرير التطوّرات التي حدثت على الأرض خلال العقد الأخير مع التركيز على الكتلتين الاستيطانيتين وتأثيرهما على تضاريس المكان.
يصف التقرير واقع الحياة في حيّ العيساويّة المقدسيّ بعد مضيّ 53 سنة على ضمّه إلى إسرائيل. تحوّل الحيّ خلال السّنة إلى الأخيرة إلى ميدان اشتباك دائم ويوميّ بسبب الحملة التي تشنّها الشرطة ولا تهدف منها سوى التجبّر بالأهالي. لكنّ هذه الحملة ليست سوى جزءٍ من الصّورة الكاملة: في التقرير تحلّل بتسيلم السّياسة التي تطبّقها إسرائيل في الحيّ منذ ضمّته إلى حدودها وهي سياسة قوامها نهب الأراضي والإهمال المتعمّد وغياب التخطيط - وعُنف الشرطة المطبّق بتطرّف وحشيّ في هذا الحيّ.
بيّن التحليل الذي أجرته بتسيلم لورقة الموقف التي قدّمها المستشار القضائيّ للحكومة والتي زعم فيها أنّ محكمة الجنايات الدوليّة لا تملك صلاحيّة قضائيّة تخوّلها النظر في الوضع في المناطق المحتلّة، أنّ المستشار استند فيه أساسًا إلى اقتباس مقتطفات مجتزأة بطريقة ممنهجة وتجاهُل أحكام القانون الدوليّ وعرض صورة لواقع غير موجود. على العكس من ذلك فإنّ المحكمة تملك صلاحيّة التحقيق وهو تحقيق ضروريّ إزاء ما يجري على أرض الواقع. نشرت بتسيلم صباح هذا اليوم ورقة موقف تدحض فيها المزاعم التي استند إليها المستشار القضائيّ للحكومة أفيحاي مندلبليط لدى تشكيل موقفه القضائيّ الذي يُنكر على المدّعية العامّة لمحكمة الجنايات الدوليّة صلاحيّة التحقيق شبهة وقوع جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل.
التقرير يُظهر كيف تتذرّع إسرائيل بحجج أمنيّة لكي تطبّق في منطقة مركز مدينة الخليل سياسة جعلت حياة السكّان الفلسطينيّين جحيمًا لا يُطاق بهدف دفعهم إلى الرّحيل عن منازلهم. تعتمد هذه السياسة آليّات الفصل الحادّ والمتطرّف التي تطبّقها إسرائيل في المدينة منذ 25 عامًا، منذ المجزرة التي ارتكبها باروخ جولدشطاين بهدف تمكين ثلّة مستوطنين من السّكن في قلب مدينة فلسطينيّة مكتظّة. هذه السياسة خرق لحظر النقل القسريّ الذي يُعتبر جريمة حرب.
التقرير يكشف كيف تستغلّ إسرائيل أراضي الضفة الغربية لمعالجة النفايات التي تُنتَج ضمن حدودها - وبضمنها نفايات خطرة - مستخدمة في ذلك قوّتها كدولة احتلال، في تجاهل تامّ للفلسطينيين، إذ يجري استبعادهم عن عمليّة صُنع القرارات، فيما هم يتعرّضون لأخطار بيئيّة وصحّية لا يتمّ إعلامهم بها. هذا الواقع ليس سوى لبنة أخرى في سياسات تواظب إسرائيل عليها من خمسين سنة، مستغلّة المجال الفلسطيني وسكّانه لأجل تعزيز مصالحها، وكأنّه يقع ضمن حدودها السياديّة.
التقرير الذي ينشره بتسيلم اليوم يتقصّى الوسائل التي تستخدمها إسرائيل في الاستيلاء على الحيّز القرويّ الفلسطيني، تحطيمه إلى شظايا، ونهب أراضي ومياه السكّان لنقلها إلى أيدي المستوطنين. يأتي وصف عملية الاستيلاء من خلال عرض مصائر قرىً ثلاث في محافظة نابلس – عزموط ودير الحطب وسالم، والمسار الذي اجتازته منذ أقامت إسرائيل مستوطنة ألون موريه في جوار هذه القرى. حكاية القرى الثلاث هي مثال على سياسة واسعة النطاق تطبّقها إسرائيل في أنحاء الضفة الغربية منذ عشرات السنين، يلعب المستوطنون فيها دورًا مركزيًا.
اليوم (5.6.16) نتمّ 17,898 يومًا، 49 عامًا على الاحتلال. يُعرّف القانون الدولي الاحتلال كحالة مؤقتة، ولكن بعد ما يقارب خمسين عاما، لا يمكن التطرّق للواقع في الأراضي المحتلة باعتباره مؤقّتًا، ومسألة التمسك بالأمل بأن إسرائيل سوف تعمل على تغييره أمر لا أساس له من الصحة. على مشارف الذكرى الخمسين للاحتلال تنشر منظمة بتسيلم وثيقة تبين الصورة المحدّثة حول الوضع في الأراضي المحتلة. الحقائق المذكورة في الوثيقة - ومعانيها – أمر معروف. وكذلك معنى الوقوف دون فعل أي شيء معروف – مواصلة الوضع الراهن. اليوم يتطلب الأمر فعلاً حاسمًا من شأنه أن يعبّر عن وقف التعاون في البلاد والعالم مع الاحتلال.
يشكل هذا التقرير محاولة أولى لفحص تأثيرات الاحتلال على بلدة فلسطينية واحدة. ويتركز التقرير في قرية برقة قضاء رام الله. وبرقة ليست قرية استثنائيّة، وهي لم تكن يومًا في واجهة النضال ضدّ الاحتلال ولم تعانِ خطوات عقابيّة استثنائيّة. وفي الواقع، اختيرت القرية بالذات بسبب انعدام خصوصيتها، لتكون مثالا على حيوات سكان قرى فلسطينية واقعة تحت الاحتلال. برقة قرية صغيرة ورعوية، محاطة بالحقول وتعاني على غرار القرى الأخرى قيودًا صعبة على الحركة، تعزلها عن بيئتها، وتعاني نهب أراضيها على نطاق واسع وتضييقًا اقتصاديًا. كلّ هذه الأمور جعلت من برقة قرية مهملة ومكتظة وفقيرة، يعيش نحو نصف سكانها على شفا خطر الفقر أو تحته.
تسيطر إسرائيل بشكل كامل على قرابة 60% من أراضي الضفة التي تعرف كمنطقة C . يعيش في المنطقة قرابة 180,000 فلسطينيّ، وفيها احتياطيّ الأراضي المركزيّ للإسكان والتطوير لكلّ الضفة. تمنع إسرائيل البناء والتطوير الفلسطينيين بمسوغات مختلفة، باعتبارها "أراضي دولة" أو "مناطق تدريبات عسكرية". وتتجاهل سياسة التخطيط الإسرائيلية احتياجات السكان: رفض الاعتراف بالقرى ومنع تطويرها ووصلها بالبنى التحتية وهدم البيوت. ويعيش الآلاف تحت خطر طردهم من بيوتهم، بدعوى أنهم يسكنون مناطق عسكرية مغلقة أو بلدات "غير قانونية". أضفْ أنّ إسرائيل سيطرت على غالبية مصادر المياه وهي تقيّد وصول الفلسطينيين إليها.
بعد مضيّ عقد من الزمن على بناء الجدار الفاصل، يتضح بجلاء الانتهاك الكبير الذي لحق بالسكان الفلسطينيين الذين شُيّد الجدار على أراضيهم. فبعد استكمال قرابة ثلثي المسار، تقلص النشاط الزراعي-الاقتصادي في هذه المناطق. كما أنّ الفصل الجغرافي بين المجموعات السكنية المتجاورة وبين السكان وأراضيهم يؤدي إلى تآكل قدرتهم على البقاء ويشلّ أيّ إمكانية لتطويرها بشكل مستديم. هذا الواقع يشكل انتهاكًا لالتزام الدولة أمام المحكمة العليا القاضي بأن لا يمسّ الجدار الفاصل بهذه المجموعات السكانية، مسًا بالغًا
تستعرض منظمة “بتسيلم” في التقرير السنوي تشكيلة واسعة من المسائل المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة من طرف السلطات الإسرائيلية إبان عام 2011، وهو العام الـ 44 على احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة. يتضح من معطيات التقرير انه طرأ ارتفاع حادّ في عام 2011 على عدد الفلسطينيين غير الضالعين في الاقتتال والذين قتلتهم قوات الأمن الإسرائيلية في قطاع غزة. كما طرأ ارتفاع بعدد المواطنين الإسرائيليين الذين قتلهم فلسطينيون في الاراضي المحتلة وإسرائيل، مقارنة مع العام 2010.
التقرير يفحص سياسة الإشهار الإسرائيلية عن أراضي دولة في الضفة الغربية. يتضح من الفحص أنّ مساحات شاسعة صُنفت على أنها أراضي دولة لخدمة المستوطنات رغم أنها كانت في واقع الأمر بملكية فلسطينية خاصة أو جماعيّة. وجرى ذلك عبر إعادة تفسير قانون الأراضي في الضفة. وبهذه الطريقة، أشهرت الدولة بين الأعوام 1979-2000 قرابة 900,000 دونم على أنها أراضي دولة. والحديث يدور عن زيادة بنسبة 170% على أراضي الدولة التي كانت في الضفة قبل الاحتلال.
يتضح من التقريراستنادا إلى المشاهدات التي قامت بها بخصوص المظاهرات في قرية النبي صالح أن قوات الأمن منعت سكان القرية من ممارسة حقهم بالاحتجاج ومنعت المظاهرات. وقد تم تفريق المظاهرات. من خلال الاستعمال المكثف لوسائل تفريق المظاهرات داخل القرية نفسها بصورة تمس بالسكان. عشية المظاهرات التي من المقرر تنظيمها في إطار التصويت على ضم الدولة الفلسطينية للأمم المتحدة، تدعو بتسيلم قوات الأمن إلى احترام حق الاحتجاج للفلسطينيين.
يكمن في جوهر نظام الأبرتهايد والاحتلال الإسرائيلي انتهاك منهجيّ لحقوق الإنسان. تعمل بتسيلم لأجل إنهاء الاحتلال، إدراكًا منها أنّه بهذه الطريقة فقط يمكن تحقيق مستقبل يضمن حقوق الإنسان، الديمقراطية، الحرّية والمساواة لجميع الأفراد - فلسطينيين وإسرائيليين - القاطنين بين النهر والبحر.